الأربعاء، 2 سبتمبر 2009

في صباح يومٍ مضى ..

بسم الله الرحمن الرحيم ..



الكثير منا يمشي في هذه الدنيا من غير تخطيط لها او مسار يرسمه القدر لمشاريعه اليومية او حتى المستقبلية .. والكثير منا يصدم لما يخبئة القدر له ياأما أن يبتسم له او اما ان يحزن وينزوي لما قدمت يداه لها !! والكثير منا من يذرف الدموع الساخنة لاننا نملك عيون مقهورة من هذه الدنيا .. ومن منا لم يذق طعم القهر او الطعم المر لهذه الدنيا القاسية فلو لم تكن هذه الدنيا قاسية لما ولدنا ونحن نبكي .. فعلينا ألا نبي قصورا في الهواء ونعلق امالنا العريضة عليها والا نسرح في الخيال من أجل مستقبل لا يعلم به الا الله فالنية الصادقة بعمل الخير يؤدي الى التوفيق وهذا التوفيق من الله عزوجل ..
أحداث موضوعي اليوم يدور في ركن من اركان هذه الدنيا الواسعة محاوره كثيرة وفيه الكثير من حكم هذه الدنيا ورحمة الله بالعباد .. يدور بين أمرأة في الثلاثين من العمر وبين إمرأه عجوز في مثل عمر جدتي خطواتها متثاقلة تحمل جسدها الضعيف بين يديها وعصاها ..
دخلت إمرأة في الثلاثين من العمر الى مؤسسة حكومية لعمل بعض الاوراق الرسمية واذا بها تنظر لتجد نافذة الموظفين مغلقة و هم من عليهم الحضور باكرا في مثل هذا اليوم ,, فلم تتعجب إذ لم تجد غيرها يدور في وسط المكان وإمرأة عجوز تنادي عليها من على كراسي للأستراحة ..
ظنت المرأة في بادئ الامر ان النداء ليس لها ولكن سرعان ما انتبهت اليه .. مشت نحو تلك العجوز ..
فاذا بها تقول: تعالي يا أبنتي وأجلسي لا يوجد أحد بعد والساعة الان تقارب الساعة العاشرة !! أفلا يعلمون أنه علينا الذهاب لدائرة أخرى لاستكمال الاوراق !!
فاجابتها : الله المستعان يا أمي .. سيحضرون أن شاء الله ..
وما هي الا ثواني حتى جاء رجل وأصبح ينادي على أسماء الاوراق المعتمدة .. فأخذت أوراقها المرأة العجوز وحيت بتحية السلام وهمت بالخروج .. أنتظرت المرأة الثلاثينية أوراقها وماهي سوى بضع دقائق الا وتحصلت على أوراقها ,, وخرجت ظناً منها بأن التعرف للمرأة العجوز قد أنتهى هنا !!
ركبت سيارتها ولم تصل الى باب الدائرة لتجد نفسها بدون أن تدري لتوقف سيارتها أمام تللك المرأة العجوز التي من المفروض أن تكون خارج الدائرة الان ولكن كبر السن ... !!
توقفت بقربها وهي التي اندهشت من وقوفها فهي تعتبر أن من يقف للغرباء على الطريق ضرب من الجنون وخاصة وأنها أمرأة ..
سالتها .. يا أمي أنا ذاهبة الى الدائرة الفلانية فهل طريقك من طريقي ..احست تلك المرأة بان باب الفرج قد فتح لها فاجابتها : نعم يا أبنتي ولكن ما باليد حيلة سأجد من يوصلني الى هناك .. وهنا نزلت المرأة من السيارة واخذت يد المرأة العجوز لتساعدها لركوب السيارة ..


أجلستها بقربها وبدأت المرأة العجوزبالشكر لها والدعاء بالتوفيق والتيسير لها من الله وأن يرزقها ما تريد وترضى من الله .. ثم بدأت بسرد قصتها فاذا بها تقول :عندي أثنى عشر ولدا أربع بنات وثمانية شبان .. زوجتهم جميعهم وكل واحد ببيته .. تركهم زوجي لي باكرا بعد أن توفى وبقيت لوحدي أشتغل واتعب وأسهر الليالي الى أن تخرجوا الواحد تلو االأخر فمنهم المهندس والطبيب ومنهم الموظف ومسؤؤل وغيره ماشاء الله وزوجت ابنتان وبقيت انا وبنتين أصرف عليهن الى أن يأتي نصيبهن ..
ماشاء الله يا أمي ولكن ما الذي جعلك تأتين مشيا ولديك ثمانية شبان .. سألتها المرأة مستغربة !!
فردت عليها ماذا أقول .. أنا الى الان موظفة في البنك أستغل في قسم التنظيفات حتى أنني عملت في البيوت من أجلهم وانا سعيدة بذلك ..ولكن أنظري اليهم الان لا أحد منهم يدق بابي أو يسالني الى أين وهم يعرفون بهذه الاوراق فلم يأـي إلي واحد منهم لأخذي لعملها .. فوالله لم أكن لاطلب منهم لو جاؤؤا ولكن لجبر خاطر أمهم التي تعبت وسهرت عليهم .. يا ليتهم كانواجميعهم من البنات فهم أحن علي يسالونني احتياجاتي ولكن ما بيدهن حيلة فأمرهن بيد أزواجهن !!
يجلبون أولاهم الى ولا أمانع في ذلك ويخرجون ولا يقولون أو يمرون ليأخذوا أمهم العجوز معهم رغم أنني لا أتدخل بحياتهم ولا أدري عنها بأي شيء سوى من أحفادي ..
إستغربت المرأة من الامر ولكن ما عساها القول سوى أن تواسي هذه المرأة فلا تريد أن تزيد همها بكلامها معها
فردت عليها :الله المستعان يا أمي والله غني عنهم جميعا ولكِ الله فهو يغني عنهم جميعا ..
وصلن أخيرا الى الدائرة وساعدت المرأة العجوز في أتمام أوراقها وأستكملت أوراقها هي أيضا .. ويرافقها الكثير الكثير من دعوات تلك المرأة لها ..وعند الانتهاء كانت قد استوقفت سيارة أجرة وحاسبتها وطلبت من السائق أن يوصل هذه الام الفاضلة الى ما تطلب اليه ..
دخلت المرأة بيتها وهي تفكر في أحداث هذا اليوم .. كيف انها لم يكن غيرها في الصالة في الدائرة هي والمرأة العجوز ورغم أنها ذائرة حكومية ومن المفروض أن تعج بالناس !! ووقوف سيارتها أمام تلك المرأة زادها حيرة من أمرها ولكن !!
دعوات تللك المرأة لها زادها غبطة وسرور فمن منا لا يحب أكتساب مثل هذه الدعاوي في هذا الشهر الكريم ..
وبعد حين في فترة الظهيرة جاء للمرأة خبر سعيد كانت تنتظره منذ بداية السنة أي من ثمانية أشهر ولم تصدق ما سمعت به ولكن ربما كان هذا كله أختبار من الله لتبشيرها بهذا الخبر السعيد وكما قلنا العمل بالنية الصادقة ماهو الا توفيق وهذا التوفيق من الله عز وجل .. فعلينا أن لا تنتظر شيء من الدنيا لقاء عملنا بالخير سوى من الله عزوجل وعلينا أن نزرع الخير لنحصده .. وعلينا أن نسعى لنيل رضا والدينا وخاصة الرجال منا .. فالكثير الكثير منهم عند الزواج ينسون من رباهم وتعب من أجلهم كما جاء في قصتي .. ثمانية شباب !! ينسون والدتهم العجوز ويتناسوها من أجل ماذا !! ربما من أجل متاع الدنيا ومن أجل رضا الزوجة وهذا موضوع أأخر ..
فالسعادة لا تهبط لنا من السماء ولكن نحن من نزرعها .. فهؤلاء أطفال الامس أصبحوا رجال اليوم ,, وأي رجال تفتخر بهم أمهم !!


->إقراء المزيد...

10 التعليقات:

Woman space 2 سبتمبر 2009 في 6:21 م  

أختي الغالية يارا
لي الشرف أن اكون أول المعليق على موضوعك
فعلا قصه مؤثره جداً , ومن عمل عملا وأخلص النية كامله لوجه الله رزقه الله من حيث لا يحتسب
ولجزئية بر الوالدين تجدين تكملت موضوعك في مدونتي , فلي يومين اجهز هذا الموضوع وقد تفاجأت عندما قرأت الآيات في مدونتك وضحكت وتعجبت أكثر من التوافق العجيب بيني وبينك *_^

بارك الله فيك وفي ذريتك وزوجك
ودمتي أخت غالية

غير معرف 2 سبتمبر 2009 في 6:56 م  

السلام عليمن ورحمة الله والبركة.
اخيتي الحبيبة يارا اول شيء انا احب العواجيز كثيرا واحب الجلوس معهن والحديث معهن .
سبحان الله لكل عجوز قصة تحمل النضال والمعانات اصبحت اسأل نفسي هل في يوم من الايام سأحكي عن شيء فعلته في حياتي كما فعل هؤلاء الجدات البسيطات.
اما بخصوص جزئية البر بالوالدين اوووه يا يارا امر تلك المرأة بسيط فهي على الاقل لها اربع بنات وهن يسألن فيها.
انا اعرف من لها ولد وحيد ورماها في دار العجزة.
فقد اجريت قبل مدة بحت سوسيولوجي عن دور العجزة وذهبت اليهم وسمعت اصوات المعنات تنطق بالآه.
لكن الله المستعان
اختك ملح الحياة

تــركــي الــغــامــدي 3 سبتمبر 2009 في 2:03 ص  

الكريم يارا ... ربي يسعدك على طرحك المستنير ... وقد ورد في ثنايا الموضوع إشارات جميلة من التقطها حظي بمثل تلك المواقف الرائعة تجاه الآخرين .
من جانب آخر ... واقعنا المعاش يحفل بالصور التي لاتتوافق مع تعاليم ديننا السمحة ولا مع مكارم الأخلاق ... وهنا على ما أعتقد يأتي دور من يملك الرأي المستنير والعمل القدوة والنصح النبيل لمعالجة مايقع من العقوق والنفور والهروب ... والله المستعان .

غير معرف 3 سبتمبر 2009 في 2:17 م  

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يار الحبيبه بوركت اناملك ولاحرمت اجر ما كتبتِ نسال الله تعالى ان يجعلنا بارين با ابائنا وامهاتنا وان يجعلنا ننال رضاهم لننال رضا رب العالمين
ودمتِ بخير

منية النفس

yara 3 سبتمبر 2009 في 4:04 م  

الغالية فضاء ..
انا التي ازدادشرفا دوما بتواجدك معي فكما تعرفين التوافق بيننا كبير وانا اعتبرك مكملة لي وتؤام افكاري ..^-^
فالاعمال بالنيات فمن كانت نيته طيبة وحسنة فالتوفيق حليفة باذن الله ومن رضى عنه والداه توفيقه من الله اكيد ..
دمت بود اختي الحبيبة ..

yara 3 سبتمبر 2009 في 4:16 م  

اهلا باغالية ملح الحياة ..
المآسي في الحياة كثيرة وخاصة ببر الوالدين .. في مرة من مرات ذهبت لدار العجزة فوجدت امهات في مقتبل العمر صبايا لا تصدقي بان اولادهم قدرموا بهم في هذه الدار وهم ليس لهم باليد حيلة سوى الرضوخ للواقع المرير .. فكما تعرفين الدنيا دوارة كما يقولون ويلي ماله خير لاهل بيته لا يوجد له خير في بيته فكيف تتوقعين سيكون مستقبل هذا الابن او الابنه التي رمت بوالديها هكذا !! ان الله كبير وكماتفعل بوالديك فان اولادك فاعلون لك بالمثل والله على كل شيء قدير ..
دمت محبة وحفظمن الرحمان ورعايته ..

yara 3 سبتمبر 2009 في 4:38 م  

اخي الكريم تركي ..
صحيح الواقع الذي نعايشة الان مخالف وبعيد كل البعد عن الدين الاسلامي وتعاليمة فلو كنا نطبقه وخاصة ببر والدينا لماوجدنا دور العجزة موجودة في بلادنا العربية وبكثرة وما نراه ونسمع به من مآآسي يجعلنا نتحسر على ايام قد مرت كانت فيه التعاليم الاسلامية هي كل شيء في حياتنا ..
دمت بخير وربنا يكرمك ويسعدك على فكرك الواسع ..
تقبل تحياتي ..

yara 3 سبتمبر 2009 في 4:43 م  

اختي الغالية منية ..
ربنا يسعدك ويكرمك وإياك ويجعلنا ممن يستمعون للقول فيتبعون أحسنه يارب ..
دمت بخير وحفظ من الرحمان ..

لمى هلول 13 سبتمبر 2009 في 9:43 م  

الغالية يارا
ان استذكر الان قول الله تعالى ((ان من ازواجكم وابنائكم عدو لكم فاحذروهم ))الحمد لله ان الاية وارجوا ان اكون نقلتها صحيحة تحدثت عن بمن اى بعض وليس الاكل ومن يومها استشعرت الرضا مادام ربى قال ان من الابناء والازواج عدو ارتحت ماعلى الا ان اربيهم حسن التربية كما فعلت تلك المراة وان مد الله الاجال فاساله لى الصبر والامان والحمد لله على كل حال ..
والله لا يبتلى الناس بهذا الصنف من الحقوق يارب

لك كل الشكر على القصة الملفته والمفيدة وعلى قولك خاصة للرجال لا مهاتهم

عاشق الرمثا الابية 15 سبتمبر 2009 في 12:12 م  

اعجز عن كتابة الكلمات ما بحكي الا بارك الله فيكي قصة مؤثرة
في هذه الوقت ابتعدنا عن ابسط امور ديننا اللهم اصلح امة حبيبك محمد عليه السلام

Blog Widget by LinkWithin

أكثر المواضيع قراءة

جميع الحقوق محفوظة © أكليل الندى

  © Blogger template 'Froggy' by Ourblogtemplates.com 2008

العودة للاعلى