الخميس، 2 يوليو 2009

ثقافة الهدم في عاصمة الثقافة العربية


ثقافة الهدم في عاصمة الثقافة العربية
المصدر: مجلة العودة /بقلم ياسر علي





هل كانت القدس بحاجة إلى مزيد من القيمة في نفوس محبّيها، أو في مكانتها الدينية والحضارية والتاريخية، ليتمّ اختيارها في مجلس وزراء الثقافة العرب في مسقط 2006، ضمن برنامج عواصم الثقافة العربية «عاصمة للثقافة العربية عام 2009». فهل تحتاج مدينة تحمل أهم الصفات والألقاب في التاريخ الديني والحضاري لهذه المنطقة إلى هذا التكريم؟ فهي عاصمة الوعي والفكر في العالم العربي، ومنارة المثقفين، وقبلة العاشقين، ولهفة المشتاقين، ومهوى أفئدة المؤمنين، ومقصد المقاومين، وتصميم الأحرار، وحداء الثوار، وملهمة الأنصار، ومنبع الأفكار، ووجع الأشعار.. وهي زهرة المدائن، ودرّة العواصم، ومدينة الأنبياء، وبوابة السماء، ومهبط الديانات، وملتقى الحضارات. غير أن هذا الإعلان جاء في أهميته ليتزامن مع أخطر مراحل تهويد القدس حتى الآن، وهي المحتلّة المغتصبة، والمحاصرة بالاستيطان والتهويد، وساحة الصراع الأبرز مع المحتل، والمستهدفة بتاريخها وحاضرها ومستقبلها، وهي ألم الحاضر وأمل المستقبل.. فليس إذن من أجل رفع قيمتها في العالم، بل من أجل الحفاظ على ما هي عليه، فقيمتها الدينية والدنيوية، المادية والمعنوية، الجغرافيّة والتاريخية، تستحق (بل يجب) أن تجعل منها عاصمة دائمة للثقافة العريبة، وعاصمة العواصم العربية والإسلامية. في المقابل، ابتُلينا بعدوّ لا يقدر لهذا التاريخ ولهذه الثقافة قيمة، وهما ليسا شيئاً ذا قيمة أمام عنصريته الدينية والإثنية وفاشيته الأخلاقية.. فشرع منذ اليوم الأول لاحتلال القدس بعمليات الهدم والتهويد المنظم للمدينة، فأنشبت جرافاته مخالبها وأعملت خراباً في المدينة، ولم يكد يمضي الشهر الأول على نكسة عام 1967 وضياع القدس حتى كان الاحتلال قد أزال حارات بكاملها من الوجود، واستيقظ العالم على ساحة البراق بلا حارة الشرف (المغاربة) التي أنشئت منذ عهد صلاح الدين. وصودرت وثائق المحكمة الشرعية وبدأت عمليات التزوير «البطيء الخجول!».. وعمليات الحفر «السرية» تحت المسجد الأقصى.


أما اليوم، فلا بطء ولا خجل ولا سرية في عمليات التهويد، بل زاد عليها العنف والإكراه والغصب والسطو العلني، وطرد السكان من بيوتهم ورميهم في الشارع وهدم المباني أمام عيونهم. كنا في صدد الإعلان عن فعاليات «القدس عاصمة للثقافة العربية 2009»، فاندلع العدوان على غزة، في أواخر العام الماضي، وبعد انتهاء العدوان وتردداته المتنوعة، أراد الاحتلال تعويض فشله في غزة برفع مستوى التوتر في المنطقة عبر تفعيل عملية التهويد في القدس، وهذا ما فعله في حي الشيخ جراح شمال البلدة القديمة (أمرُ إخلاء 28 منزلاً)، وفي حي البستان في سلوان جنوب البلدة القديمة (أمر إخلاء 88 منزلاً فيها 1500 نسمة)، وفي حي العباسية جنوب البلدة القديمة (أمر إخلاء 32 منزلاً)، وفي حي راس خميس قرب مخيم شعفاط شمال البلدة القديمة (55 منزلاً). والناظر إلى عمليات التهويد، لا يمكنه إلا أن يربط أهداف هذا التهويد بالهدم الثقافي، فهذا التهويد يركز على أهم عناصر الثقافة والحضارة في فلسطين (الدين واللغة والتاريخ والبشر والآثار). وهذا الهدم ليس فعل شخص أو جهة واحدة ذات هدف واحد محدد، بل هو حرب شاملة تحتاج إلى ردٍ شاملٍ على مستواها. من هنا، لا يكفي الردّ على ثقافة الهدم هذه بالثقافة العربية في القدس وحدها، وقد جرت العادة أن ندعو العرب والمسلمين للتعاون من أجل الدفاع عن القدس، وهذا ما فعلته حملات الفعالية (ثلاثٌ على الأقل!) حيث جالت على العواصم لحثّها على التضامن الثقافي مع القدس وتبنّي الاحتفالية في فعالياتها الثقافية. باتت الحاجة ملحّة للدفع باتجاه الاتحاد الثقافي على الأقل من أجل القدس، فحرب الاحتلال عليها شاملة، تنال البشر والحجر والمقدسات والتاريخ والحضارة. هذا الاتحاد يجب أن يشد رباطه، فضلاً عن الدين والتاريخ والحضارة، ثقافة آنية متينة وفعّالة ومتفاعلة. فهذه الاحتفالية بحاجة إلى جهد العواصم كلها.. فإن خَدمتْها العواصم بالفعاليات، فستخدمهم هي –فضلاً عن تشرّفهم بخدمتها- بمنحهم نفحةً من الوحدة التي افتقدوها زمناً طويلاً.. ولو كانت وحدة ثقافية فقط!

اما عن رأي فأرى أن الدعم الثقافي لم يجد له طريق فكل يوم نجد دعما جديدا ولكن أين النتائج فسياسية الهدم ما زالت مستمرة بل وكثرت ايضا وربما هناك ايضا عمليات بالخفاء ورغم المناشدة لوقف الهدم وغيره الا انها تضرب في عرض الحائط فلا حياة لمن تنادي ..
فالقدس الان في أمس الحاجة للعرب ولكن الان اخذ العرب يفكرون ما المرجو منها وما النتيجة فهم في الاغلب خائفون على مقاعدهم من أن تختفي من تحتهم وعندها ماذا يستفدون منها ..
فما زلنا بحاجة الى أن نشد الايدي والنضال وما زال الطريق طويلا امام هذا المغتصب والاهم من هذا كله هو توحيد صفوفنا قبل توحيد الشعوب والعمل سويا يد واحدة بلا انقسامات واهداف بعيدة عن تحرير الوطن والبدأ بانفسنا قبل كل شيء ..

->إقراء المزيد...

8 التعليقات:

laith9000 2 يوليو 2009 في 5:26 ص  

بسم الله الرحمن الرحيم ...

القدس في قلوبنا دائماً وأبداً.. وإلى الممات وبعد الممات أيضاً... هي في أرواحنا التي لا يقضي عليها بشر او مادة .. إن قتلونا واهانونا وطردونا من منازلنا .. سنبقى القدس وفلسطين في ارواحنا دائماً...

هذا ما لا يفهمه العالم .. هذا ما يحاولون انتزاعه منا .. يستطيعون انتزاع اي شي ولكن ليس هذا ....

ولا يبقى شيء على حاله ....نعتصر حزناً على ما هو مدنس بإيدي الصهاينة ..ولكن نعرف ان النصر قادم ..

هذا ما أردت قوله .. لان الكلام مع القدس والوطن لا يجدي كثيراً...

تحياتي ومشكورة يارا ..أعيد إعجابي بوطنيتك التي فاقت الكثيرين...


---------
اعتقد اني الاول من جديد بالرد :)

عاشق الرمثا الابية 2 يوليو 2009 في 9:35 ص  

شكرا على الموضع الجميل
القدس ليست بحاجة الى هذا اللقب لأنها على مر التاريخ هي مركز الحضارات الدينية والعلمية وبالاخص كوننا كمسلمين هي اولى القبلتين
وستبقى القدس شامخة في قلوبنا حتى تتحرر من الاحتلال الصهيوني
وادعو الله ان يفك اسرها وان نصلي في المسجد الاقصى
يكفي ان المسجد الاقصى ذكر في القران الكريم وهذا اهم من جميع الالقاب وهو موجود في القدس الشريف
تقبلوا مروري

ملح الحياة 3 يوليو 2009 في 6:05 م  

اخيتي الحبية يارا...
الحديث عن القدس مستحيل ان ينتهي ابدا.
فهي اولى القبلتين وثالث الحرمين وهي مسرى الرسول عليه الصلاة والسلام.وكل مسلم يكمن في داخله درة من الايمان فهو يحمل الولاء والاخلاص للمسجد الاقصى ...
او لو كان الامر بيدي شهادة فسبيله افضل من حياتي بحلوها ومرها.
يوم يكون الحديث عن القدس تدمع عيني.
ويحق لي ذلك.
الموضوع يستحق نقاش اوسع ربما لم اناقش لب الموضوع وهو اخنيار القدس كعاصمة لتقافة العربية.
لكن بمجرد ما يذكر اسم المدينة تتحرك الاحاسيس.
تقبلي مروري.
واسفة على تاخري على موضوع رائع مثل هذا.

Shaikha 6 يوليو 2009 في 8:08 ص  

الحديث عن القدس يطول

عزيزتي أحيي فيك هذه الوطنيه ، ماشاءالله .

وفعلاً لا أعلم لماذا عندما يذكر اسم القدس اشعر بقهر وأسف.

دمتي سعيده عزيزتي

yara 7 يوليو 2009 في 3:12 م  

القدس في قلوبنا دائماً وأبداً.. وإلى الممات وبعد الممات أيضاً... هي في أرواحنا التي لا يقضي عليها بشر او مادة .. إن قتلونا واهانونا وطردونا من منازلنا .. سنبقى القدس وفلسطين في ارواحنا دائماً...
أهلا ليث .. نعم وكما قلت القدس ستبقى على مر العصور عربية حرة أبية ..
دمت بود ..

yara 7 يوليو 2009 في 3:20 م  

ملح الحياة ..
حبيبتي اسعدني ردك ربما لانك بنت بلادي اعجبني اكثر فموضوع القدس يطول ويطول ولكن نكف عنه الا عند رجوعنا اليها ..
فالقدس دوما هي المركز وليست لانها عاصمة الثقافة العربية بل لانها القدس ..
دمت بود ..

yara 7 يوليو 2009 في 3:23 م  

فراس ..
اسعدني ردك اخي واتمنى لك الصلاة بالمسجد والعودة لنا أن شاء الله ,,
دمت كما تحب وترضى ..

yara 7 يوليو 2009 في 3:25 م  

Twinkle.. أهلا بك نورتي مدونتي وموضوعي ..
القدس هي شاغلنا الوحيد الان وشاغل الامة العربية ..دعواتنا بالعودة والتحرير والنصر قادم بأذن الله ..

Blog Widget by LinkWithin

أكثر المواضيع قراءة

جميع الحقوق محفوظة © أكليل الندى

  © Blogger template 'Froggy' by Ourblogtemplates.com 2008

العودة للاعلى